إن أسعار الشقق في سوريا للعام 2025 قد بدا مرتفعاً بعض الشيء، كما أن بعض الشقق قد وصلت أسعارها إلى أرقام فلكية مما جعل امتلاكها حلم صعب تحقيقه لشريحة كبيرة من الناس.
وقد لعبت العوامل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية دوراً كبيراً في حدوث التباين في الأسعار بين منطقة وأخرى.
يقدم هذا المقال قراءة تحليلية للسوق العقاري في سوريا لعام 2025، وسيستعرض التغيرات التي طرأت على الأسعار منذ 2020 ولغاية 2025، كما سيبين الفروقات في الأسعار بين المحافظات، بالإضافة إلى إيضاح تأثير العوامل المختلفة على تحديد أسعار الشقق.
وسيسلط المقال الضوء على فارق أسعار الشقق في المناطق الشعبية عن أسعار الشقق في المناطق الراقية، وأخيراً سيقدم نظرة استشرافية لتوقعات أسعار الشقق في سوريا في النصف الثاني من عام 2025.

كيف تغيرت الأسعار منذ 2020؟
منذ بداية العام 2020 حدثت تغيرات كبيرة في أسعار الشقق في سوريا؛ حيث سجلت ارتفاعاً كبيراً قياساً بالأعوام التي تسبق العام 2020.
ووصلت نسبة الزيادة في أغلب الأحيان إلى ما يقارب 100% وذلك بفعل عوامل كثيرة أهمها انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل قيمة العملات الأجنبية، مما جعل أسعار العقارات تكون بالدولار بدلاً من الليرة السورية للمحافظة على قيمتها الحقيقية.
ومن العوامل أيضاً ارتفاع تكاليف مواد البناء المستوردة؛ كالحديد والإسمنت، فهذه الزيادة أدت لارتفاع تكلفة الإنشاء وهو ما أثر بشكل مباشر على أسعار البيع للمستهلك، واستمرت الأسعار بالارتفاع حتى العام 2025.

فروقات الأسعار بين المحافظات:
هناك تباين جلي وواضح في أسعار الشقق في سوريا لعام 2025 بين محافظة وأخرى.
وتسجل العاصمة دمشق أعلى قيمة للعقارات من بين المحافظات الأخرى، فأسعار الشقق فيها قد تبدأ من 300 مليون ليرة سورية إلى 30 مليار ليرة سورية في الأحياء الراقية والفاخرة؛ ومن هذه المناطق على سبيل المثال: المالكي، والمزة، وأبو رمانة، وكفرسوسة؛ حيث سجل سعر المتر المربع في حي المالكي على سبيل المثال ما يقارب 15 مليون ليرة سورية، بينما سجل سعر المتر المربع في كفرسوسة ما يقارب 12 مليون ليرة سورية.
أما مدينة حلب فأسعار الشقق فيها أقل نسبياً من أسعار الشقق في العاصمة دمشق؛ فأسعار الشقق فيها تبدأ من 200 مليون ليرة سورية إلى 500 مليون ليرة سورية تقريباً.
فعلى سبيل المثال: إن أسعار الشقق في صلاح الدين والحمدانية تكون بين 150 مليون ليرة سورية إلى 175 مليون ليرة سورية تقريباً، بينما تكون أسعار الشقق في المناطق الراقية فيها كالعزيزية والسليمانية بين 300 مليون ليرة سورية إلى 500 مليون ليرة سورية.
وفي المدن الساحلية يتزايد الطلب على الشقق السكنية مما يجعل السعر فيها مرتفعاً نسبياً؛ حيث تبدأ الأسعار من 250 مليون تقريباً إلى ما يقارب 900 مليون في المناطق التي تقرب البحر.
أما في حمص فإن أسعار الشقق فيها تتراوح بين 200 مليون ليرة سورية إلى 500 مليون ليرة سورية كالشقق الموجودة في الميدان، والإنشاءات.
وفي دير الزور تكون الأسعار أقل نسبياً حيث تسجل أسعار الشقق بين 150 مليون ليرة سورية إلى 175 مليون ليرة سورية.
وهكذا فإن أسعار الشقق في سوريا متباينة حسب كل محافظة، وحسب موقع الشقة ومواصفاتها.

الشقق الجاهزة مقابل قيد الإنشاء:
إن ارتفاع أسعار الشقق في سوريا بشكل مستمر يطرح تساؤلاً حول الفروقات السعرية ما بين الشقق الجاهزة مباشرة للسكن، وبين تلك الشقق التي لا تزال قيد الإنشاء.
ومن المسلم به أن سعر الشقق الجاهزة يكون أعلى قيمة من سعر الشقق التي تكون قيد الإنشاء مما يجعل الطلب على الأخيرة متزايداً.
إن الراغب بشراء شقة قيد الإنشاء قد يقع في مطبات كثيرة محتملة كتأخير التسليم، أو عدم تطابق المواصفات لما تم الاتفاق عليه، فضلاً عن أن المشتري يقوم بتمويل جزء من عملية البناء بشكل غير مباشر.
إن التكلفة السعرية لبناء المتر المربع الواحد وإكسائه قد تتراوح ما بين 1.5 مليون ليرة سورية إلى 2 مليون ليرة سورية على العظم، وهذه التكلفة تتضاعف مع الإكساء؛ مما يعني أن التكلفة الإجمالية لبناء شقة بمساحة 100 متر مربع على سبيل المثال قد تتراوح ما بين 700 مليون ليرة سورية إلى 800 مليون ليرة سورية دون احتساب تكلفة سعر الأرض.
إن هذا الارتفاع الواضح في تكاليف البناء يعمل على تقليل الفجوة السعرية ما بين العقارات الجاهزة والعقارات التي تكون قيد الإنشاء، وهذا يدفع العاملين في المجال العقاري أو المطورين العقاريين إلى رفع سعر الشقق التي تكون قيد الإنشاء ليحصلوا على ضمان تحقيق هامش ربح مقبول.
لهذا يجب على الراغب بشراء عقارات أن يطلع على أسعار الشقق في سوريا بشكل مستمر قبل اتخاذ القرار، ويدرس دراسة دقيقة أيهما أفضل بالنسبة له شراء شقة جاهزة أم شقة قيد الإنشاء.

عوامل تؤثر على سعر الشقة:
إن أسعار الشقق في سوريا للعام 2025 تتأثر بعوامل كثيرة، من أهمها:
- الموقع الجغرافي: إن الموقع هو من أكثر العوامل التي تلعب دوراً مهماً في رفع سعر الشقق أو انخفاضه؛ فالشقق السكنية التي تقع في المناطق الراقية أو في مراكز المدن يكون سعرها أكثر قيمة من تلك الشقق الواقعة في الأحياء الشعبية أو في الضواحي.
- الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد: يؤثر الوضع الاقتصادي بشكل مباشر على أسعار الشقق في سوريا؛ لأن تضخم قيمة العملة أو انخفاضها هو ما يؤثر على أسعار العقارات، فإذا انخفضت قيمتها سيصبح البيع – كما هو الوضع حالياً – بالعملات الأجنبية للحفاظ على قيمة رأس المال.
- تكاليف البناء: إن مواد البناء المستوردة تعمل على رفع أسعار العقارات، فضلاً عن الأجور التي ستدفع للعمال.
- العرض والطلب: على الرغم من ضعف القدرة الشرائية بشكل عام، إلا أنه لا يزال هناك طلب متزايد على السكن من قبل المغتربين أو ذويهم، وبشكل خاص في المدن الكبرى.
- البنى التحتية الجيدة والخدمات: إن توفر الخدمات المتكاملة من كهرباء، وماء، وصرف صحي يؤثر على أسعار العقارات في سوريا، كما أن قرب الشقة من المراكز التعليمية والصحية، ومراكز الأسواق يعمل على رفع قيمة العقار.

الأسعار في المناطق الشعبية والراقية:
هناك تباين واضح في أسعار الشقق في سوريا للعام 2025 في المناطق الراقية والمناطق الشعبية؛ ففي الأحياء الراقية في العاصمة دمشق كالمالكي على سبيل المثال قد يصل سعر المتر المربع إلى 15 مليون ليرة سورية، في حين أن السعر يبدو منخفضاً في المناطق الشعبية فعلى سبيل المثال سعر المتر المربع في باب شرقي سجل في أغلب الأحيان 3.8 مليون ليرة سورية.
وهذا الفارق الكبير يكشف الخدمات المتوفرة في كل منهما؛ من حيث الوضع الأمني، والبنى التحتية، والطلب المتزايد أو المنخفض.
إن الشقق في المناطق الراقية تتمتع في أغلب الأحيان ببنى تحتية جيدة، وخدمات متكاملة، ووضع أمني مستقر، مما يجعلها أكثر طلباً للسكن، ولكن لشريحة محددة من السكان؛ أي لمن يملكون القدرة المالية.
أما الشقق الموجودة في الأحياء الشعبية فغالباً ما يعاني أصحابها من نقص الخدمات، أو سوء البنى التحتية، وهذا ما يفسر السعر المنخفض للعقارات فيها.
فالباحثين عن شقق في سوريا عليهم تحديد الموقع الذي يرغبون به بما يتناسب مع ميزانيتهم؛ لأن أسعار الشقق في سوريا تتأثر بالموقع والمنطقة بالدرجة الأولى.

توقعات الأسعار في النصف الثاني من 2025:
إن أغلب توقعات الأسعار في النصف الثاني من 2025 تكشف ارتفاع أسعار الشقق في سوريا وإن كان ذلك بوتيرة بطيئة.
وأسعار الشقق قد تستمر بالارتفاع التدريجي في حال استمر التضخم، واستمرت زيادة تكاليف مواد البناء، ويتوقع أغلب الخبراء أن الارتفاع قد يتراوح ما بين 8% إلى 10% حتى نهاية العام.
إن السوق العقاري في سوريا يعاني من حالة ركود جلية وواضحة بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى أغلب السكان، بينما يلاحظ الطلب المتزايد على الإيجارات وهذا ما يفسر ارتفاع سعر الإيجارات فيها.
ومن المتوقع أن تكون الفترة القادمة التي تتزامن مع عودة المغتربين السوريين فترة نشاط للسوق العقاري؛ وبالتالي سينعكس هذا على الوضع الاقتصادي للبلاد، وقد تطلق مشاريع إعادة الإعمار بشكل فعلي مما سيؤدي إلى انتعاش السوق واستقرار أسعار الشقق في سوريا.

وفي النهاية يمكن القول إن أسعار الشقق في سوريا للعام 2025 مرتفع نسبياً بسبب الوضع الاقتصادي الذي اجتاح البلاد لفترة طويلة من الزمن، وتغير هذه الحال مرتبط باستقرار سعر الصرف، ومشاريع إعادة الإعمار، واستقرار الوضع الاقتصادي بعد تحسنه.
اشترك في النقاش